نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 3 صفحه : 360
من سبإ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دون سيله العرما «1»
وقال:
الواردون وتيم في ذرى سباء ... قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس «2»
ثم سميت مدينة مأرب بسبإ، وبينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث، كما سميت معافر بمعافر بن أدّ. ويحتمل أن يراد المدينة والقوم. والنبأ: الخبر الذي له شأن. وقوله مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ من جنس الكلام الذي سماه المحدّثون البديع، وهو من محاسن الكلام الذي يتعلق [3] باللفظ، بشرط أن يجيء مطبوعا. أو يصنعه عالم بجوهر الكلام يحفظ معه صحة المعنى وسداده، ولقد جاء هاهنا زائدا على الصحة فحسن وبدع لفظا ومعنى. ألا ترى أنه لو وضع مكان بنبإ بخبر، لكان المعنى صحيحا، وهو كما جاء أصح، لما في النبإ، من الزيادة التي يطابقها وصف الحال.
[سورة النمل (27) : آية 23]
إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)
المرأة بلقيس بنت شراحيل، وكان أبوها ملك أرض اليمن كلها، وقد ولده أربعون ملكا ولم يكن له ولد غيرها، فغلبت على الملك، وكانت هي وقومها مجوسا يعبدون الشمس. والضمير في تَمْلِكُهُمْ راجع إلى سبإ، فإن أريد به القوم فالأمر ظاهر، وإن أريدت المدينة فمعناه تملك أهلها. وقيل في وصف عرشها: كان ثمانين ذراعا في ثمانين وسمكه ثمانين. وقيل ثلاثين مكان ثمانين، وكان من ذهب وفضة مكللا بأنواع الجواهر، وكانت قوائمه من ياقوت أحمر وأخضر ودرّ وزمرّد، وعليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق. فإن قلت: كيف استعظم عرشها مع ما كان يرى من ملك سليمان؟ قلت: يجوز أن يستصغر حالها إلى حال سليمان، فاستعظم لها ذلك العرش. ويجوز أن لا يكون لسليمان مثله وإن عظمت مملكته في كل شيء، كما يكون لبعض
(1) . يمدح رجلا بأنه من قبيلة سبأ، وهو في الأصل اسم لابن يشجب بن يعرب بن قحطان، ثم سميت به القبيلة ومأرب: مدينتها. وقيل: قصر لملكهم، وهو مفعول الحاضرين ممنوع من الصرف. وإذ ظرف. ومن دون بمعنى أمام. والعرم: السد العظيم، يحبس السيل عن المدينة.
(2) . أى الواردون هم، وتيم: اسم قبيلة في أعالى أرض سبأ. والمراد بجلد الجواميس: الحبال المفتولة منه لتغسل بها الأسرى في أعناقهم، فشبهت ما يصح منه العض لصلابتها على طريق المكنية، والعض تخييل، ويصح استعارته للقرص على طريق التصريحية، وسبأ- في الأصل-: لقب رجل من قحطان اسمه عبد شمس، لأنه أول من سبى كان له عشرة أولاد، فذهب ستة إلى اليمن: حمير، وكندة، والأسد، وأشعر، وقشعم، وبجيلة. وذهب أربعة إلى الشام: لخم، وجذام، وعاملة، وغسان. وبها سميت قبائلهم المشهورة. [3] قوله «الذي يتعلق» لعله: التي تتعلق. (ع)
نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 3 صفحه : 360